السياسيةبرلمانحوارات وتحقيقات

أوراق البصرة المحروقة  فساد ممنهج وتوصيات برلمانية تطيح بالمحافظ العيداني

الاء الحيدري / البصرة

في خطوة غير تقليدية، أعلنت لجنة التحقيق النيابية المكلّفة بملف خروقات حكومة البصرة المحلية، انتهاء أعمالها بعد شهور من جمع الوثائق وتحليل البيانات، ورفعت توصيات صادمة إلى مجلس النواب تتضمن إعفاء محافظ البصرة أسعد العيداني، بعد ثبوت ما وصفته بـ”هدر منظم في المال العام”.

التحقيق كشف عن شبكة واسعة من التجاوزات الإدارية والمالية، وسط تحركات سياسية متباينة بين داعم للتوصيات ومشكك في قانونية اللجنة.

وثائق دامغة… ومشاريع “وهمية”
اللجنة اعتمدت في تقريرها النهائي على وثائق رسمية صادرة من جهات رقابية عليا، بالإضافة إلى مخاطبات إدارية تؤكد وجود مخالفات في التعاقدات وتمويل المشاريع. من أبرز ما ورد في التقرير:

1_تضخيم متعمد لأسعار المشاريع، بعضها مُوّل بثلاثة أضعاف القيمة الحقيقية.

2_منح عقود تنفيذ بلا منافسة أو إعلان رسمي، بما يخالف قانون العقود الحكومية.

3_تمويل مشاريع متوقفة أو لم تُنفذ، رغم صرف المبالغ بالكامل.

4_تحويرات قانونية في العقود الرسمية بعد توقيعها، يشتبه بأنها تمّت لصالح جهات معينة.

5_شراء أجهزة ومعدات بأسعار خيالية، خصوصاً ضمن قطاعي الصحة والخدمات.

6_غياب واضح للرقابة الإدارية في إحالة وتوقيع عدد من المشاريع.

اللجنة قدّرت حجم الهدر المالي بالمليارات، وأكدت أن المسؤولية لا تقتصر على المحافظ فقط، بل تطال مدراء أقسام العقود والمشاريع، الذين سيُحال عدد منهم إلى القضاء.

ردود سياسية… واتهامات بالتسييس
توصيات اللجنة أثارت عاصفة من الجدل السياسي، خصوصًا بعد تصريح رئيس تحالف “تصميم” عامر الفائز، الذي طعن بقانونية اللجنة وعدّها غير مخولة برفع مثل هذه التوصيات.

لكن عضو اللجنة النائب أسعد البزوني ردّ بشدة قائلاً:
“تقريرنا قانوني، ووقع عليه ثمانية أعضاء من أصل 12، بينما تغيّب الباقون لأسباب تنظيمية، وليس بسبب اعتراضهم على المحتوى. والاتهامات بالتسييس محاولة لخلط الأوراق”.

وأشار البزوني إلى أن زميل الفائز، النائب ياسين العامري، عضو فعّال في اللجنة وقد اطلع على كل تفاصيل الخروقات بنفسه، مما ينفي أي ادعاء بعدم الشفافية.

الكرة في ملعب البرلمان والحكومة
التقرير والتوصيات أُرسلت إلى مجلس النواب، الذي يُنتظر منه مناقشة سحب يد المحافظ رسميًا، ومن ثم رفع القرار إلى رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني لاتخاذ الإجراء التنفيذي.

ويؤكد البزوني أن اللجنة لن تسمح بدفن الملف، مضيفًا: “إذا حاولت بعض القوى عرقلة عرض التقرير، سنلجأ إلى الرأي العام ونكشف التفاصيل أمام الشعب”.

مصير ينتظر الحسم… فهل تُطوى صفحة الفساد؟
يقف ملف خروقات البصرة اليوم على مفترق طرق؛ فإما أن تُفتح أبواب المحاسبة الحقيقية وتتحول التوصيات إلى قرارات ملزمة، أو يُضاف هذا الملف إلى قائمة طويلة من قضايا الفساد التي لم تجد طريقها إلى التنفيذ.

ويبقى السؤال الأكبر معلقاً في أذهان البصريين:
هل ستُحاسب الإدارة المحلية على ما اقترفته، أم يُحاط الملف بجدار من التحالفات السياسية ويُغلق إلى أجل غير مسمّى؟

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار